"تاريخكم ينزف دما".. غضب عربي وانقسام عالمي على "عنصرية" وليام
"تاريخكم ينزف دما".. غضب عربي وانقسام عالمي على "عنصرية" وليام
تعرض دوق كامبريدج الأمير وليام، لانتقادات حادة، بعد تصريحات له، وصفت بأنها “عنصرية وتنم عن جهل بالتاريخ الذي تكسو صفحاته دماء أريقت في حروب مزقت القارة العجوز منذ قرون”. بحسب كُتَّاب ومدونين عرب وغربيين.
وقال الأمير وليام، في تعليقه على الحرب الروسية الأوكرانية، إنه من "الغريب" رؤية الحرب في أوروبا، على عكس الصراعات في إفريقيا وآسيا التي اعتدنا على رؤيتها فيها.
ونقلت وسائل إعلام بريطانية، عن الأمير وليام، قوله، أمام متطوعين خلال زيارته للمركز الثقافي الأوكراني في لندن، الخميس، إنه مصدوم من رؤية الحرب على الأراضي الأوروبية، مشيرًا إلى أن البريطانيين اعتادوا أكثر على رؤية الصراعات في إفريقيا وآسيا، متابعا "إنه لأمر غريب جداً رؤية هذا في أوروبا".
وأضاف دوق كامبريدج، "نحن جميعا نقف خلفكم"، معربًا عن دعمه لشعب أوكرانيا في الأزمة الإنسانية التي يعيشها بسبب الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا، والتي تسببت في نزوح وفرار نحو مليوني أوكراني، لاجئين إلى دول أوروبية مختلفة.
وأثارت تصريحات الأمير ويليام جدلا عالميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أبدى كثيرون انزعاجهم منها وعبروا عن رفضهم لمحتواها، ومنهم من وصف الأمير وليام بأنه “جاهل بتاريخ بلاده ولا يعرف حقيقة التاريخ التي توثق حجم المآسي والكوارث التي عاشت فيها أوروبا نتيجة الحروب والصراعات”.
ويعج التاريخ الأوروبي بالكثير من الحروب الداخلية من بينها حرب الثلاثين عاما، وهي سلسلة صراعات دامية مزقت أوروبا بين عامي 1618 و1648 ووصفها المؤرخون بأنها “المأساة الأوروبية”، فضلا عن حرب السنوات السبع أو الحرب البومرانية كما يطلق عليها المؤرخون، والتي جرت بين عام 1756م وعام 1763م، فضلا عن الحروب الخارجية، حيث استطاعت أوروبا التي لا تتجاوز مساحتها 7 في المئة من إجمال الكرة الأرضية، السيطرة على 35 في المئة من إجمالي الأرض منذ عام 1800، وتوسعت هيمنتها في 1914 لتشمل 84 في المئة من الكرة الأرضية غالبيتها كانت عبر ميادين المعارك.
هجوم عربي
وانتقد الباحث السياسي، أحمد الفراج، في تغريدة عبر "تويتر" تصريحات وليام مذكرنا بتصريح لرئيس وزراء بريطانيا السابق، تشرشل حينما قال “استعمارنا للدول غير المتحضرة عمل عظيم” .
وقال الإعلامي السعودي، نواف العقيل، عبر حسابه على تويتر تعقيبا على تصريحات الأمير وليام، “إن الأيام تكشف الحقائق، تكشف أن حقوق الإنسان هي كذبة جعلها الغرب كبيره علينا فقط، أقسم بمن أحل القسم، لن يجد الإنسان حقوقه إلا لدينا”.
قال الإعلامي والمحلل السياسي البحريني، سعيد الحمد، عبر حسابه على تويتر إن نظرية الدم الأزرق تصدم الشعوب.
وقال الدكتور حمزة القمحاوي، الأستاذ الجامعي العربي، عبر حسابه على تويتر، إنه ما زالت ألسنتهم تظهر عنصريتهم، وتكشف كذبهم، وتظهر حقدهم، ومحاولتهم تغيير التاريخ الدموي لبلادهم. الأمير وليام حفيد ملكة بريطانيا يدلي بتصريح مليء بالعنصرية والدونية للأفارقة والآسيويين.
وقال الناشط المغربي، محمد باياد، عبر حسابه على تويتر إن الأمير وليام وبنبرة عنصرية مقيتة يقول “اعتدنا على رؤية الحروب في إفريقيا لا في أوروبا” متسائلا عن حرب المائة عام وحروب الانجليز مع الفرنسيين وحروب نابوليون التي تمتد شراراتها من أوروبا إلى أصقاع وأبعاد إفريقيا وباقي العالم.
وتساءل المحامي الحقوقي قاسم رشيد كيف يمكن لأحد أفراد العائلة المالكة الإدلاء بمثل هذا التصريح في حين أن لديهم تاريخاً طويلاً من الاستعمار يمتد إلى 1000 عام، وقائمة طويلة من الحروب والإبادة الجماعية.
وغرد حساب باسم، محمد عمر، قائلا "أنا متأكد من أن معظم الملوك الإنجليز من ويليام الأول (1066-1087) إلى جورج الثاني (1727-1760) قادوا شخصيًا الجيوش للقتال، إما ضد جيرانهم أو أقاربهم، من المؤكد أن بريطانيا ليست غريبة عن الصراع والحرب ، خاصة تلك الموجودة في أوروبا".
انتقادات غربية
موجة الغضب العربية من تصريحات الأمير وليام تخطت حاجز البحر المتوسط إلى القارة الأوروبية، التي شهدت انقساما كبيرا حولها ما بين مؤيد ورافض لها، حيث قال الكاتب "آر إس لوك"، إن الأمير وليام حاصل على شهادة جامعية في الجغرافيا، ودرس في أكاديمية ساندهيرست العسكرية وهو عقيد في الحرس الأيرلندي، لذا فإن مثل "هذا التعليق الجاهل الذي يأتي منه بعد كل هذا التعليم هو أمر مفاجئ فعلاً".
وغرد الكاتب في صحيفة " برينت " الهندية، سنيش أليكس فيليب، قائلا بدأت الحرب وإراقة الدماء من قبل عائلته "في الهند، نهبوا ونهبوا، مات الكثير من الناس من المجاعة والتعذيبهم، ولا تزال شبه القارة الهندية تواجه العنف بفضل البذرة التي زرعوها قبل مغادرتهم".
وكتبت الصحفية سناء سعيد: "أنا حقًا لا أتوقع أقل من ذلك من عضو في واحدة من أكثر الإمبراطوريات عنفًا في تاريخ البشرية الحديث، والتي لم تواجه بعد يومًا من العدالة على جرائمها ضد الملايين من الناس".
و غرد المراسل في PTI_News ، كيتشي جي، قائلا: "الإبادة الجماعية في رواندا.. ناجمة مباشرة عن الاستعمار البريطاني لصالح التوتسي (الذين كانوا ذوي بشرة فاتحة) على الهوتو (الذين كانوا ذوي بشرة داكنة) ثم ابتعدوا بعد أن وضع التوتسي مسئولين عن كل الأشياء المهمة وتركوا الصراع وراءهم.
تراجع في المواقف
موجة الغضب العربية والغربية الكبيرة التي صُبت على تصريحات وليام، صحبها حملة غربية مساندة لتلك التصريحات، بل وتراجع الكثير من الرافضين لها عن مواقفهم وحذفوا تدويناتهم المناوئة لها، تماما كما حدث مع مراسل "سي إن إن" جيك تابر، الذي دعا في البداية وليام إلى تصفح تاريخ عائلته قالاً: "اقرأ كتابًا عن عائلتك، يا صاح" وأرفق صورة لإدوارد، دوق وندسور، وزوجته واليس سيمبسون، وهما يلتقيان بأدولف هتلر في ألمانيا عام 1937.
ثم عاد "تابر" وألغى تغريدته، قائلا "لم يكن تقرير المجموعة الأصلي عن اقتباس الأمير ويليام هذا من المملكة المتحدة دقيقًا، لذلك حذفت تغريدتي حول هذا الموضوع.
الأمر نفسه تكرر مع بيرنيس كينغ ابنة القس مارتن لوثر كينغ جونيور والرئيس التنفيذي لمركز مارتن لوثر كينغ جونيور للتغيير الاجتماعي اللاعنفي، التي وصفت في البداية ملاحظة ويليام بأنها "مروعة".
وكتبت على تويتر: "قام الأوروبيون بضرب قارة إفريقيا، ونهبوا المجتمعات، واغتصبوا النساء، واستعبدوا البشر، واستعمروا من أجل الربح والسلطة، وسرقة الموارد، وتسببوا في دمار الأجيال.. وتستمر الدول الأوروبية في إلحاق الضرر بإفريقيا".
ثم قامت "كينغ" أيضا بمسح "التغريدة" ولكن بعد أن تم تداولها وكتبت عنها وسائل الإعلام، منها ماكتبه، جاك رويستون، على الموقع الرسمي لـ "نيوزويك".
مراسلة شبكة BNC الإخبارية الأمريكية، أستريد مارتينيز، سلكت نفس النهج حيث ذكرت في تغريدة لها على تويتر الأمير ويليام بالعنف الذي اندلع في جميع أنحاء العالم، مشيرة بالتحديد إلى الصراع الدموي في البوسنة، لكنها قامت بعد ذلك أيضا بمسح تعليقها.
وغردت المراسلة الصحفية "نادين وايت" قائلة: "حضر المراسل الملكي ذو الخبرة الكبيرة ريتشارد بالمر، من The Daily Express، واتصل بالوكالة لسحب جزء 'إفريقيا وآسيا' اليوم - بعد 15 ساعة - بعد رد فعل عنيف على وسائل التواصل الاجتماعي".
وردا على ذلك غرد المؤلف "اشلي ثيوفان" قائلا : "سمع ريتشارد بشكل صحيح.. كشف ويليام عن نفسه بتعليقاته "إفريقيا وآسيا"، وأضاف "وليام قصد ما قاله.. هو فقط لم يكن يعلم أن الأمور لن تسير على ما يرام".
ولم تكن تصريحات الأمير ويليام، هي الوحيدة التي لفتت الانتباه للعنصرية الغربية ونظرتهم الدونية إلى سكان أفريقيا وآسيا، حيث أثارت منذ أيام تصريحات عدة لإعلاميين أوروبيين بارزين حفيظة العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، منها قول" تشارلي داجاتا" مراسل شبكة سي بي إس نيوز في تقرير من كييف إن أوكرانيا لم تكن "مكانًا، مع كل الاحترام الواجب، مثل العراق أو أفغانستان، يشهد صراعًا محتدماً منذ عقود. هذه حضارة نسبيًا، أوروبية نسبيًا - يجب أن أختار كلماتي بعناية أيضًا - مدينة، مدينة لا تتوقعها، أو تأمل أن يحدث ذلك".
ومن تلك التصريحات ما قالته لوسي واتسون، مراسلة محطة الأخبار البريطانية ITV، "حدث الآن ما لا يمكن تصوره في أوكرانيا، هذه ليست دولة نامية من العالم الثالث، هذه هي أوروبا".